الجمعة، 27 يونيو 2014

تدبر آية (٤٨)

🔆 تدبر آية (٤٨)  🔆

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة -  ١٣٨] 
 
🔸يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، فرض الله عليكم الصيام كما فرضه على الأمم قبلكم؛ لعلكم تتقون ربكم، فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية بطاعته وعبادته وحده.
(التفسير الميسر)
 
🔹يعني بقوله: {كتب عليكم الصيام}، فرض عليكم الصيام.
(الطبري)
 
🔹الصوم في الشرع: الإمساك عن المفطرات مع اقتران النية به من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وتمامه وكماله باجتناب المحظورات وعدم الوقوع في المحرمات، لقوله عليه السلام: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.
(القرطبي)
 
🔹{كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}
يخبر تعالى بما منَّ به على عباده، بأنه فرض عليهم الصيام، كما فرضه على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.
وفيه تنشيط لهذه الأمة، بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة، التي اختصيتم بها.
ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركه، ثوابه، فهذا من التقوى.
ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطا،, فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى.
(ابن سعدي)

الخميس، 19 يونيو 2014

تدبر آية (٤٧)

{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة - ٤ و٥]
 
يوم القيامة تخبر الأرض بما عُمل عليها من خير أو شر، وبأن الله سبحانه وتعالى أمرها بأن تخبر بما عُمل عليها.
(التفسير الميسر)
 
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ} الأرض {أَخْبَارَهَا} أي: تشهد على العاملين بما عملوا على ظهرها من خير وشر، فإن الأرض من جملة الشهود الذين يشهدون على العباد بأعمالهم، ذلك {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [أي] وأمرها أن تخبر بما عمل عليها، فلا تعصى لأمره.
(ابن سعدي)
 
في الترمذي عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {يومئذ تحدث أخبارها} قال: "أتدرون ما أخبارها -قالوا الله ورسوله أعلم-، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول عمل يوم كذا كذا وكذا.
قال: "فهذه أخبارها". قال: هذا حديث حسن صحيح.
(القرطبي)
 
قوله {يومئذ تحدث أخبارها} التحديث هنا صريح في الحديث وهو على حقيقته؛ لأن في ذلك اليوم تتغير أوضاع كل شيء وتظهر حقائق كل شيء، وكما أنطق الله الجلود ينطق الأرض، فتحدث بأخبارها.
(أضواء البيان)

الاثنين، 16 يونيو 2014

تدبر آية (٤٦)

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران - ١٧٣] 
 
وهم الذين قال لهم بعض المشركين: إن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا أمرهم على الرجوع إليكم لاستئصالكم، فاحذروهم واتقوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم، فزادهم ذلك التخويف يقينًا وتصديقًا بوعد الله لهم، ولم يَثْنِهم ذلك عن عزمهم، فساروا إلى حيث شاء الله، وقالوا: {حسبنا الله} أي: كافينا، {ونِعْم الوكيل} المفوَّض إليه تدبير عباده.
(التفسير الميسر)
 
لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من "أحد" إلى المدينة، وسمع أن أبا سفيان ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى المدينة، ندب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا -على ما بهم من الجراح- استجابة لله ولرسوله، وطاعة لله ولرسوله، فوصلوا إلى "حمراء الأسد" وجاءهم من جاءهم وقال لهم: {إن الناس قد جمعوا لكم} وهموا باستئصالكم، تخويفا لهم وترهيبا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله واتكالا عليه.
{وقالوا حسبنا الله} أي: كافينا كل ما أهمنا {ونعم الوكيل} المفوض إليه تدبير عباده، والقائم بمصالحهم.
(ابن سعدي)
 
قال البخاري.. عن ابن عباس: {حسبنا الله ونعم الوكيل} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}.
(ابن كثير)

تدبر آية (٤٥)

{مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [لقمان - ٢٨] 
 
ما خَلْقُكم -أيها الناس- ولا بَعْثُكم يوم القيامة في السهولة واليسر إلا كخَلْق نفس واحدة وبَعْثها، إن الله سميع لأقوالكم، بصير بأعمالكم، وسيجازيكم عليها.
(التفسير الميسر)
 
{ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} قال الضحاك: المعنى ما ابتداء خلقكم جميعا إلا كخلق نفس واحدة، وما بعثكم يوم القيامة إلا كبعث نفس واحدة. قال النحاس: وهكذا قدره النحويون بمعنى إلا كخلق نفس واحدة؛ مثل: واسأل القرية. وقال مجاهد: لأنه يقول للقليل والكثير كن فيكون.
(القرطبي)
 
قوله: {إن الله سميع بصير} أي: كما هو سميع لأقوالهم بصير بأفعالهم كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة كذلك قدرته عليهم كقدرته على نفس واحدة؛ ولهذا قال: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة [إن الله سميع بصير]}.
(ابن كثير)
 
قال الزجاج أي: قدرة الله على بعث الخلق كلهم وعلى خلقهم كقدرته على خلق نفس واحدة وبعث نفس واحدة {إن الله سميع} لكل ما يسمع {بصير} بكل ما يبصر.
(فتح القدير)

تدبر آية (٤٤)

{الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف - ٦٧] 
 
الأصدقاء على معاصي الله في الدنيا يتبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة، لكن الذين تصادقوا على تقوى الله، فإن صداقتهم دائمة في الدنيا والآخرة.
(التفسير الميسر)
 
الأخلاء: جمع خليل، وهو الصاحب الملازم، قيل: إنه مشتق من التخلل لأنه كالمتخلل لصاحبه والممتزج به.
(ابن عاشور)
 
قوله: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} أي: كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عز وجل، فإنه دائم بدوامه. وهذا كما قال إبراهيم عليه السلام لقومه: {إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين}.
(تفسير ابن كثير)
 
عن مجاهد، في قوله: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} فكل خلة على معصية الله في الدنيا متعادون.
وعن ابن عباس: فكل خلة هي عداوة إلا خلة المتقين.
(الطبري)

الأربعاء، 11 يونيو 2014

تدبر آية (٤٣)

{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم - ٢٢] 
 
ومن دلائل القدرة الربانية: خَلْقُ السموات وارتفاعها بغير عمد، وخَلْقُ الأرض مع اتساعها وامتدادها، واختلافُ لغاتكم وتباينُ ألوانكم، إن في هذا لَعبرة لكل ذي علم وبصيرة.
(التفسير الميسر)
 
ومن آياته خلق السماوات والأرض فإن من خلق هذه الأجرام العظيمة التي هي أجرام السماوات والأرض وجعلها باقية ما دامت هذه الدار وخلق فيها من عجائب الصنع وغرائب التكوين ما هو عبرة للمعتبرين قادر على أن يخلقكم بعد موتكم وينشركم من قبوركم واختلاف ألسنتكم أي : لغاتكم من عرب وعجم ، وترك ، وروم وغير ذلك من اللغات، وألوانكم من البياض والسواد والحمرة والصفرة والزرقة والخضرة مع كونكم أولاد رجل واحد وأم واحدة، ويجمعكم نوع واحد وهو الإنسانية، وفصل واحد وهو الناطقية، حتى صرتم متميزين في ذات بينكم لا يلتبس هذا بهذا، بل في كل فرد من أفرادكم ما يميزه عن غيره من الأفراد، وفي هذا من بديع القدرة ما لا يعقله إلا العالمون، ولا يفهمه إلا المتفكرون إن في ذلك لآيات للعالمين الذين هم من جنس هذا العالم من غير فرق بين بر وفاجر.
(الشوكاني)
 
أرأيت توأمين متشابهين لا يتميز عندك أحدهما عن الأخر إلا بجهد؟ عند ذلك تعرف نعمة الله تعالى في الاختلاف التي ذكرها في قوله: {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين} فتأمل.
(السخاوي)

تدبر آية (٤٢)

{نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة - ٧٣] 
 
نحن جعلنا ناركم التي توقدون تذكيرًا لكم بنار جهنم ومنفعة للمسافرين.
(التفسير الميسر)
 
{نحن جعلناها تذكرة} [يعني نار الدنيا] تذكرة للنار الكبرى إذا رآها الرائي ذكر جهنم قاله عكرمة ومجاهد ومقاتل. وقال عطاء: موعظة يتعظ بها المؤمن.
(البغوي)
 
فإن الحاضر والبادي من غني وفقير الكل محتاجون للطبخ والاصطلاء والإضاءة وغير ذلك من المنافع. ثم من لطف الله تعالى أن أودعها في الأحجار، وخالص الحديد بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه، فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى، وأوقد ناره فأطبخ بها واصطلى، واشتوى واستأنس بها، وانتفع بها سائر الانتفاعات. فلهذا أفرد المسافرون وإن كان ذلك عاما في حق الناس كلهم. وقد يستدل له بما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي خداش حبان بن زيد الشرعبي الشامي، عن رجل من المهاجرين من قرن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلمون شركاء في ثلاثة : النار والكلأ والماء".
(ابن كثير)
 
قال ابن القيم رحمه الله في طريق الهجرتين:
وخص المقوين بالذكر وإن كانت منفعتها عامة للمسافرين والمقيمين تنبيهًا لعباده -والله أعلم بمراده من كلامه- على أنهم كلهم مسافرون، وأنهم فى هذه الدار على جناح سفر ليسوا هم مقيمين ولا مستوطنين، وأنهم عابرو سبيل وأبناء سفر.