{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر - ٥٣]
قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي، وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم، إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت، إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده، الرحيم بهم.
(التفسير الميسر)
قال البغوي في تفسيره -وساق بالسند إلى عكرمة بن عمار- حدثنا ضمضم بن جوس قال: دخلت مسجد المدينة فناداني شيخ، فقال: يا يماني تعال، وما أعرفه، فقال: لا تقولن لرجل: والله لا يغفر الله لك أبدا، ولا يدخلك الله الجنة، قلت: ومن أنت يرحمك الله؟ قال : أبو هريرة، قال فقلت: إن هذه الكلمة يقولها أحدنا لبعض أهله إذا غضب أو لزوجته أو لخادمه، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن رجلين كانا في بني إسرائيل متحابين أحدهما مجتهد في العبادة والآخر يقول كأنه مذنب، فجعل يقول: أقصر أقصر عما أنت فيه، قال فيقول: خلني وربي، قال: حتى وجده يوما على ذنب استعظمه، فقال: أقصر، فقال: خلني وربي أبعثت علي رقيبا؟ فقال: والله لا يغفر الله لك أبدا، ولا يدخلك الجنة أبدا. قال: فبعث الله إليهما ملكا فقبض أرواحهما فاجتمعا عنده، فقال للمذنب: ادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: أتستطيع أن تحظر على عبدي رحمتي؟ فقال: لا يا رب، فقال: اذهبوا به إلى النار" قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته.
أخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال: قال علي: أي آية أوسع؟ فجعلوا يذكرون آيات من القرآن (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) [النساء: ١١] الآية ونحوها، فقال علي: ما في القرآن أوسع من (يا عبادي) الآية .
(فتح القدير)
ليس بينه -وقد أسرف في المعصية، ولج في الذنب، وأبق عن الحمى، وشرد عن الطريق - ليس بينه وبين الرحمة الندية الرخية، وظلالها السمحة المحيية. ليس بينه وبين هذا كله إلا التوبة. التوبة وحدها. الأوبة إلى الباب المفتوح الذي ليس عليه بواب يمنع، والذي لا يحتاج من يلج فيه إلى استئذان.
(في ظلال القرآن)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق